تسجيل الدخول

استمتع بمزايا موقعنا

تسجيل الدخول
اخبار عاجلة

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3
اقرأ لاحقا
اضافة للمفضلة
متابعة الحديث و علومه
اضغط لتقييم الموضوع
[Total: 3 Average: 3.7]

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3

النوع التَّاسِعُ‏:‏ الْمُرْسَلُ

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَصُورَتُهُ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا حَدِيثُ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ الَّذِي قَدْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنْ
الصَّحَابَةِ وَجَالَسَهُمْ، كَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، ثُمَّ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَمْثَالِهِمَا، إِذَا قَالَ‏:‏
‏”‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏”‏‏.‏

وَالْمَشْهُورُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ التَّابِعِينَ أَجْمَعِينَ فِي ذَلِكَ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ
إِرْسَالُ صِغَارِ التَّابِعِينَ مُرْسَلًا‏.‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3

ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ يَخُصُّ الْمُرْسَلَ بِالتَّابِعِينَ وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ يُعَمِّمُونَ التَّابِعِينَ
وَغَيْرَهُمْ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ قَالَ أَبُو عَمْرٍو بْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ‏:‏ الْمُرْسَلُ قَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ ‏
“‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏”‏‏.‏

هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِتَصْوِيرِهِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ‏.‏

وَأَمَّا كَوْنُهُ حُجَّةً فِي الدِّينِ، فَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ الْأُصُولِ، وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا ‏
“‏الْمُقَدِّمَاتِ‏”‏‏.‏

وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ ‏”‏أَنَّ الْمُرْسَلَ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ
بِحُجَّةٍ‏”‏ وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ جَمَاعَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سُقُوطِ الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ وَالْحُكْمِ بِضَعْفِهِ، هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ
عَلَيْهِ آرَاءُ جَمَاعَةِ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَنُقَّادِ الْأَثَرِ، وَتَدَاوَلُوهُ فِي تَصَانِيفِهِمْ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَالِاحْتِجَاجُ بِهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا فِي طَائِفَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فِي رِوَايَةٍ‏.‏

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَنَصَّ عَلَى أَنَّ مُرْسَلَاتِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ حِسَانٌ، قَالُوا لِأَنَّهُ تَتَبَّعَهَا فَوَجَدَهَا مُسْنَدَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ كَلَامَهُ فِي الرِّسَالَةِ ‏”‏أَنَّ مَرَاسِيلَ كِبَارِ التَّابِعِينَ حُجَّةٌ إِنْ جَاءَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَلَوْ مُرْسَلَةً، أَوْ
اعْتَضَدَتْ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ أَوْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، أَوْ كَانَ الْمُرْسِلُ لَوْ سَمَّى لَا يُسَمِّي إِلَّا ثِقَةً، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُرْسَلُهُ حُجَّةً،
وَلَا يَنْتَهِضُ إِلَى رُتْبَةِ الْمُتَّصِلِ‏”‏‏.‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَمَّا مَرَاسِيلُ غَيْرِ كِبَارِ التَّابِعِينَ فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَبِلَهَا‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَمَّا مَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمْثَالِهِ، فَفِي حُكْمِ الْمَوْصُولِ‏;‏ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَرْوُونَ عَنْ
الصَّحَابَةِ، وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ، فَجَهَالَتُهُمْ لَا تَضُرُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى قَبُولِ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَيُحْكَى
هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، لِاحْتِمَالِ تَلَقِّيهِمْ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ‏.‏

وَقَدْ وَقَعَ رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنْ الْأَصَاغِرِ، وَالْآبَاءِ عَنْ الْأَبْنَاءِ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

‏”‏تَنْبِيهٌ‏”‏ وَالْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ ‏(‏السُّنَنِ الْكَبِيرِ‏)‏ وَغَيْرِهِ يُسَمِّي مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ‏”‏مُرْسَلًا‏”
‏ فَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ مَعَ هَذَا إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلُ الصَّحَابَةِ أَيْضًا لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

النوع الْعَاشِرُ‏:‏ الْمُنْقَطِعُ

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَفِيهِ وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْسَلِ مَذَاهِبُ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ‏:‏ هُوَ أَنْ يَسْقُطَ مِنَ الْإِسْنَادِ رَجُلٌ، أَوْ يُذْكَرُ فِيهِ رَجُلٌ مُبْهَمٌ‏.‏

وَمَثَّلَ ابْنُ الصَّلَاحِ لِلْأَوَّلِ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا
«إِنْ وَلَّيْتُمُوهَا أَبَا بَكْرٍ فَقَوِيٌّ أَمِينٌ» الْحَدِيثَ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَفِيهِ انْقِطَاعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا‏:‏ أَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ لَمْ يَسْمَعْهُ
مِنَ الثَّوْرِيِّ، إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْجَنَدِيِّ عَنْهُ وَالثَّانِي‏:‏ أَنَّ الثَّوْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْهُ‏.‏

وَمَثَّلَ الثَّانِيَ‏:‏ بِمَا رَوَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلَيْنِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، حَدِيثُ ‏”‏اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ‏”‏‏.‏

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ‏:‏ الْمُنْقَطِعُ مِثْلُ الْمُرْسَلِ، وَهُوَ كُلُّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ، غَيْرَ أَنَّ الْمُرْسَلَ أَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى مَا رَوَاهُ
التَّابِعِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَهَذَا أَقْرَبُ، وَهُوَ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ طَوَائِفُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ
الْبَغْدَادِيُّ فِي كِفَايَتِهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مَا رُوِيَ عَنْ التَّابِعِيِّ فَمَنْ دُونَهُ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ
وَهَذَا بَعِيدٌ غَرِيبٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

النوع الْحَادِي عَشَرَ‏:‏ الْمُعْضَلُ

وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَمِنْهُ مَا يُرْسِلُهُ تَابِعُ التَّابِعِيِّ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ
الْفُقَهَاءِ ‏”‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏”‏ وَقَدْ سَمَّاهُ الْخَطِيبُ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِ ‏”‏مُرْسَلًا‏”‏ وَذَلِكَ عَلَى
مَذْهَبِ مَنْ يُسَمِّي كُلَّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ ‏”‏مُرْسَلًا‏”‏‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ «وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا‏;‏ فَيَقُولُ لَا، فَيُخْتَمُ
عَلَى فِيهِ» الْحَدِيثَ قَالَ فَقَدْ أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ‏;‏ لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ يَرْوِيهِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
فَقَدْ أَسْقَطَ مِنْهُ الْأَعْمَشُ أَنَسًا وَالنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَتَنَاسَبَ أَنْ يُسَمَّى مُعْضَلًا‏.‏

قَالَ‏:‏ وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُطْلِقَ عَلَى الْإِسْنَادِ المُعَنْعَنِ اسْمَ ‏”‏الْإِرْسَالِ‏”‏ أَوْ ‏”‏الِانْقِطَاعِ‏”‏‏.‏

قَالَ‏:‏ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ، إِذَا تَعَاصَرُوا، مَعَ الْبَرَاءَةِ مِنْ وَصْمَةِ التَّدْلِيسِ‏.‏

وَقَدْ ادَّعَى الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ الْمُقْرِئُ إِجْمَاعَ أَهْلِ النَّقْلِ عَلَى ذَلِكَ، وَكَادَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَشَنَّعَ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ اللُّقْيَ، حَتَّى
قِيلَ إِنَّهُ يُرِيدُ الْبُخَارِيَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ، فَإِنَّهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي أَصْلِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ
فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُهُ فِي أَصْلِ الصِّحَّةِ، وَلَكِنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ ‏”‏الصَّحِيحِ‏”‏ وَقَدْ اشْتَرَطَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ مَعَ اللِّقَاءِ
طُولَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ قُبِلَتْ الْعَنْعَنَةُ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ إِنْ أَدْرَكَهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا‏.‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيمَا إِذَا قَالَ الرَّاوِي ‏”‏إِنَّ فُلَانًا قَالَ‏”‏ هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ ‏”‏عَنْ فُلَانٍ‏”‏، فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الِاتِّصَالِ، حَتَّى
يَثْبُتَ خِلَافُهُ‏؟‏ أَوْ يَكُونَ قَوْلُهُ ‏”‏إِنَّ فُلَانًا قَالَ‏”‏ دُونَ قَوْلِهِ ‏”‏عَنْ فُلَانٍ‏”‏‏؟‏ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ
وَأَبُو بَكْرٍ الْبَرْدِيجِيُّ، فَجَعَلُوا ‏”‏عَنْ‏”‏ صِيغَةَ اتِّصَالٍ، وَقَوْلُهُ ‏”‏إِنَّ فُلَانًا قَالَ كَذَا‏”‏ فِي حُكْمِ الِانْقِطَاعِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَذَهَبَ
الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي كَوْنِهِمَا مُتَّصِلَيْنِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ‏.‏

وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ الْمُتَّصِلَ بِالصَّحَابِيِّ، سَوَاءٌ فِيهِ أَنْ يَقُولَ ‏”‏عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ‏”‏، أَوْ ‏”‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏”‏ أَوْ ‏”‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏”‏‏.‏

وَبَحَثَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو هاهُنَا فِيمَا إِذَا أَسْنَدَ الرَّاوِي مَا أَرْسَلَهُ غَيْرُهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَحَ فِي عَدَالَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، إِذَا كَانَ الْمُخَالِفُ
لَهُ أَحْفَظَ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ عَدَدًا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ بِالْكَثْرَةِ أَوْ الْحِفْظِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ الْمُسْنَدَ مُطْلَقًا، إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا وَصَحَّحَهُ
الْخَطِيبُ وَابْنُ الصَّلَاحِ، وَعَزَاهُ إِلَى الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ، وَحُكِيَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ‏.‏

النوع الثَّانِيَ عَشَرَ‏:‏ الْمُدَلِّسُ

وَالتَّدْلِيسُ قِسْمَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ أَنْ يَرْوِيَ عَمَّنْ لَقِيَهُ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، أَوْ عَمَّنْ عَاصَرَهُ وَلَمْ يَلْقَهُ، مُوهِمًا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ‏.‏

وَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُ ابْنِ خَشْرَمٍ‏:‏ كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ‏:‏ ‏”‏قَالَ الزُّهْرِيُّ كَذَا‏”‏ فَقِيلَ لَهُ‏:‏ أَسَمِعْتَ مِنْهُ هَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏”‏حَدَّثَنِي
بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ‏”‏‏.‏

وَقَدْ كَرِهَ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ التَّدْلِيسِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَمُّوهُ وَكَانَ شُعْبَةُ أَشَدَّ النَّاسِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ، وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لِأَنْ
أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَالزَّجْرِ‏.‏

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ التَّدْلِيسُ أَخُو الْكَذِبِ‏.‏

وَمِنَ الْحُفَّاظِ مَنْ جَرَّحَ مَنْ عُرِفَ بِهَذَا التَّدْلِيسِ مِنْ الرُّوَاةِ، فَرَدَّ رِوَايَتَهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَتَى بِلَفْظِ الِاتِّصَالِ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ
دَلَّسَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، كَمَا قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا صُرِّحَ فِيهِ بِالسَّمَاعِ، فَيُقْبَلُ، وَبَيْنَ مَا أُتِيَ فِيهِ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ، فَيُرَدُّ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ، كَالسُّفْيَانَيْنِ وَالْأَعْمَشِ وَقَتَادَةَ وَهُشَيْمٍ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَغَايَةُ التَّدْلِيسِ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْإِرْسَالِ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَخْشَى أَنْ يُصَرِّحَ بِشَيْخِهِ فَيُرَدُّ مِنْ أَجْلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ التَّدْلِيسِ فَهُوَ الْإِتْيَانُ بِاسْمِ الشَّيْخِ أَوْ كُنْيَتِهِ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ بِهِ، تَعْمِيَةً لِأَمْرِهِ، وَتَوْعِيرًا لِلْوُقُوفِ
عَلَى حَالِهِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ، فَتَارَةً يُكْرَهُ، كَمَا إِذَا كَانَ أَصْغَرَ سِنًّا مِنْهُ، أَوْ نَازِلَ الرِّوَايَةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَتَارَةً يَحْرُمُ،
كَمَا إِذَا كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ فَدَلَّسَهُ لِئَلَّا يُعْرَفَ حَالُهُ، أَوْ أَوْهَمَ أَنَّهُ رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الثِّقَاتِ عَلَى وَفْقِ اسْمِهِ أَوْ كُنْيَتِهِ‏.‏

وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِئُ عَنْ أَبِيهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ فَقَالَ ‏”‏حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‏”‏، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ
مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ النَّقَّاشِ الْمُفَسِّرِ فَقَالَ ‏”‏حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنَدٍ‏”‏ نَسَبُهُ إِلَى جَدٍّ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو بْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَقَدْ كَانَ الْخَطِيبُ لَهَجَ بِهَذَا الْقِسْمِ فِي مُصَنَّفَاتِهِ‏.‏

النوع الثَّالِثَ عَشَرَ‏:‏ الشَّاذُّ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا يُخَالِفُ مَا رَوَى النَّاسُ، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْوِيَ مَا لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ‏.‏

وَقَدْ حَكَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ الْقَزْوِينِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ أَيْضًا‏.‏

قَالَ‏:‏ وَالَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ، يَشِذُّ بِهِ ثِقَةٌ أَوْ غَيْرُ ثِقَةٍ، فَيُتَوَقَّفُ فِيمَا شَذَّ بِهِ الثِّقَةُ
وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَيُرَدُّ مَا شَذَّ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ‏.‏

وَقَالَ الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ‏:‏ هُوَ الَّذِي يَنْفَرِدُ بِهِ الثِّقَةُ، وَلَيْسَ لَهُ مُتَابِعٌ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا حَدِيثُ «الْأَعْمَالُ
بِالنِّيَّاتِ» فَإِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ، وَعَنْهُ عَلْقَمَةُ، وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ ثُمَّ تَوَاتَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا، فَيُقَالُ إِنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَقِيلَ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ ابْنُ مَنْدَهْ
مُتَابَعَاتٍ غَرَائِبَ، وَلَا تَصِحُّ، كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ، وَفِي الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏”‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ
وَعَنْ هِبَتِهِ‏”‏‏.‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3

وَتَفَرَّدَ مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ»‏.‏

وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَقَطْ‏.‏

وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ لِلزُّهْرِيِّ‏:‏ تِسْعُونَ حَرْفًا لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ‏.‏

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُسْلِمٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، مِنْ تَفَرُّدِهِ بِأَشْيَاءَ لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ يُشَارِكُهُ فِي نَظِيرِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الرُّوَاةِ‏.‏

فَإِذَنْ الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوَّلًا هُوَ الصَّوَابُ أَنَّهُ إِذَا رَوَى الثِّقَةُ شَيْئًا قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ النَّاسُ فَهُوَ الشَّاذُّ، يَعْنِي الْمَرْدُودَ،
وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ مَا لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ، بَلْ هُوَ مَقْبُولٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا حَافِظًا‏.‏

فَإِنَّ هَذَا لَوْ رُدَّ لَرُدَّتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْ هَذَا النَّمَطِ، وَتَعَطَّلَتْ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسَائِلِ عَنْ الدَّلَائِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِهِ غَيْرَ حَافِظٍ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَدْلٌ ضَابِطٌ فَحَدِيثُهُ حَسَنٌ فَإِنْ فَقَدَ ذَلِكَ فَمَرْدُودٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

النوع الرَّابِعَ عَشَرَ‏:‏ الْمُنْكَرُ

وَهُوَ كَالشَّاذِّ إِنْ خَالَفَ رَاوِيهِ الثِّقَاتِ فَمُنْكَرٌ مَرْدُودٌ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا ضَابِطًا، وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ، فَمُنْكَرٌ مَرْدُودٌ‏.‏

وَأَمَّا إِنْ كَانَ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ حَافِظٌ قُبِلَ شَرْعًا، وَلَا يُقَالُ لَهُ ‏”‏مُنْكَرٌ‏”‏، وَإِنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لُغَةً‏.‏

النوع الْخَامِسَ عَشَرَ‏:‏ فِي الِاعْتِبَارَاتِ وَالْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ

مِثَالُهُ‏:‏

أَنْ يَرْوِيَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا،
فَإِنْ رَوَاهُ غَيْرُ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ أَوْ غَيْرُ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَوْ غَيْرُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم فَهَذِهِ مُتَابَعَاتٌ‏.‏

فَإِنَّ مَا رُوِيَ مَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ سُمِّيَ شَاهِدًا لِمَعْنَاهُ‏.‏

وَإِنْ لَمْ يُرْوَ بِمَعْنَاهُ حَدِيثٌ آخَرُ فَهُوَ فَرْدٌ مِنَ الْأَفْرَادِ‏.‏

وَيُغْتَفَرُ فِي بَابِ ‏”‏ الشَّوَاهِدِ وَالْمُتَابَعَاتِ ‏”‏ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ الضَّعِيفِ الْقَرِيبِ الضَّعْفُ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأُصُولِ،
كَمَا يَقَعُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِثْلُ ذَلِكَ وَلِهَذَا يَقُولُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي بَعْضِ الضُّعَفَاءِ ‏”‏يَصْلُحُ لِلِاعْتِبَارِ‏”‏، أَوْ
‏”‏لَا يَصْلُحُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِهِ‏”‏ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

النوع السَّادِسَ عَشَرَ‏:‏ فِي الْأَفْرَادِ

وَهُوَ أَقْسَامٌ تَارَةً يَنْفَرِدُ بِهِ الرَّاوِي عَنْ شَيْخِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ يَنْفَرِدُ بِهِ أَهْلُ قُطْرٍ، كَمَا يُقَالُ ‏”‏تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الشَّامِ‏”‏ أَوْ ‏
“‏الْعِرَاقِ‏”‏ أَوْ ‏”‏الْحِجَازِ‏”‏ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ يَتَفَرَّدُ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَيَجْتَمِعُ فِيهِ الْوَصْفَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَلِلْحَافِظِ الدَّارَقُطْنِيِّ كِتَابٌ فِي الْأَفْرَادِ فِي مِائَةِ جُزْءٍ، وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَى نَظِيرِهِ وَقَدْ جَمَعَهُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ
فِي أَطْرَافٍ رَتَّبَهُ فِيهَا‏.‏

النوع السَّابِعَ عَشَرَ‏:‏ فِي زِيَادَةِ الثِّقَةِ

إِذَا تَفَرَّدَ الرَّاوِي بِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَقِيَّةِ الرُّوَاةِ عَنْ شَيْخٍ لَهُمْ، وَهَذَا الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِزِيَادَةِ الثِّقَةِ، فَهَلْ هِيَ
مَقْبُولَةٌ أَمْ لَا‏؟‏ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ قَبُولَهَا، وَرَدَّهَا أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ‏.‏

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ إِنْ اتَّحَدَ مَجْلِسُ السَّمَاعِ لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ قُبِلَتْ‏.‏ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ إِذَا كَانَتْ
مِنْ غَيْرِ الرَّاوِي، بِخِلَافِ مَا إِذَا نَشِطَ فَرَوَاهَا تَارَةً وَأَسْقَطَهَا أُخْرَى‏.‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً فِي الْحُكْمِ لِمَا رَوَاهُ الْبَاقُونَ لَمْ تُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَتْ، كَمَا لَوْ تَفَرَّدَ بِالْحَدِيثِ كُلِّهِ،
فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفَرُّدُهُ بِهِ إِذَا كَانَ ثِقَةً ضَابِطًا أَوْ حَافِظًا وَقَدْ حَكَى الْخَطِيبُ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ، وَقَدْ مَثَّلَ الشَّيْخُ أَبُو
عَمْرٍو زِيَادَةَ الثِّقَةِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ
مِنْ رَمَضَانَ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَوْلُهُ ‏”‏مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏”‏ مِنْ زِيَادَاتِ مَالِكٍ عَنْ
نَافِعٍ وَقَدْ زَعَمَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهَا، وَسَكَتَ أَبُو عَمْرٍو عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهَا مَالِكٌ فَقَدْ رَوَاهَا مُسْلِمٌ مِنْ
طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ، كَمَا رَوَاهَا مَالِكٌ، وَكَذَا رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ
نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ، كَمَالِكٍ‏.‏

قَالَ وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ حَدِيثُ‏:‏ «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» تَفَرَّدَ أَبُو مَالِكٍ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ الْأَشْجَعِيُّ بِزِيَادَةِ
‏”‏وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا‏”‏ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو
عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ فِي صِحَاحِهِمْ مِنْ حَدِيثِهِ‏.‏ وَذَكَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ، كَالْخِلَافِ فِي قَبُولِ الْزِّيَادَةِ الثِّقَةِ

اقرأ لاحقا
اضافة للمفضلة
متابعة الحديث و علومه

إرسال تعليقك عن طريق :

    إبدأ بكتابة تعليقك الآن !

تصميم و برمجة YourColor