تسجيل الدخول

استمتع بمزايا موقعنا

تسجيل الدخول
اخبار عاجلة

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)
اقرأ لاحقا
اضافة للمفضلة
متابعة الحديث و علومه
اضغط لتقييم الموضوع
[Total: 4 Average: 4]

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)

1- عن أبي عمرو الشيباني- واسمه سعد بن إياس- قال: حدثني صاحب هذه الدار وأشار
بيده إلى دار عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم
أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها», قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»,
قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله», قال: حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولو استزدته لزادني.
عبد الله بن مسعود بن الحرث بن شمخ هذلي يكنى أبا عبد الرحمن شهد بدرا يعرف بابن
أم عبد توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وصلى عليه الزبير بن العوام ودفن بالبقيع
وكان له يوم مات نيف وسبعون سنة من أكابر الصحابة وفقهائهم.
قوله حدثني صاحب هذه الدار دليل على أن الإشارة يكتفي بها عن التصريح بالاسم
وتنزل منزلته إذا كانت معينة للمشار إليه مميزة عن غيره.
وسؤاله عن أفضل الأعمال طلب.

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)

والأعمال هاهنا لعلها محمولة على الأعمال البدنية كما قال الفقهاء أفضل عبادات
البدن الصلاة واحترزوا بذلك عن عبادة المال.
وقد تقدم لنا كلام في العمل هل يتناول عمل القلب أم لا؟ فإذا جعلناه مخصوصا
بأعمال البدن تبين من هذا الحديث أنه لم يرد أعمال القلوب فإن من عملها ما هو
أفضل كالإيمان وقد ورد في بعض الحديث ذكره مصرحا به أعني الإيمان فتبين
بذلك الحديث أنه أريد بالأعمال ما يدخل فيه أعمال القلوب وأريد بها في هذا
الحديث ما يختص بعمل الجوارح.
وقوله: «الصلاة على وقتها» ليس فيه ما يقتضي أول الوقت وآخره وكأن المقصود
به الاحتراز عما إذا وقعت خارج الوقت قضاء وأنها لا تتنزل هذه المنزلة وقد ورد في
حديث آخر: «الصلاة لوقتها» وهو أقرب لأن يستدل به على تقديم الصلاة في أول
الوقت من هذا اللفظ.
وقد اختلفت الأحاديث في فضائل الأعمال وتقديم بعضها على بعض والذي قيل
في هذا إنها أجوبة مخصوصة لسائل مخصوص أو من هو في مثل حاله أو هي
مخصوصة ببعض الأحوال التي ترشد القرائن إلى أنها المراد.
ومثال ذلك أن يحمل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: «ألا أخبركم بأفضل
أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم…» وفسره بذكر الله تعالى على
أن يكون ذلك أفضل الأعمال بالنسبة إلى المخاطبين بذلك أو من هو في مثل حالهم
أو من هو في صفاتهم ولو خوطب بذلك الشجاع الباسل المتأهل للنفع الأكبر في
القتال لقيل له الجهاد ولو خوطب به من لا يقوم مقامه في القتال ولا يتمحض حاله
لصلاحية التبتل لذكر الله تعالى وكان غنيا ينتفع بصدقة ماله لقيل له الصدقة وهكذا
في بقية أحوال الناس قد يكون الأفضل في حق هذا مخالفا للأفضل في حق ذاك
بحسب ترجيح المصلحة التي تليق به.
وأما «بر الوالدين» فقد قدم في الحديث على الجهاد وهو دليل على تعظيمه ولا شك
في أن أذاهما بغير ما يجب من البر في غير هذا ففي ضبطه إشكال كبير.
وأما «الجهاد في سبيل الله تعالى» فمرتبته في الدين عظيمة والقياس يقتضي أنه
أفضل من سائر الأعمال التي هي وسائل فإن العبادات على قسمين منها ما هو
مقصود لنفسه ومنها ما هو وسيلة إلى غيره وفضيلة الوسيلة بحسب فضيلة المتوسل
إليه فحيث تعظم فضيلة المتوسل إليه تعظم فضيلة الوسيلة ولما كان الجهاد في
سبيل الله وسيلة إلى إعلان الإيمان ونشره وإخمال الكفر ودحضه كانت فضيلة الجهاد
بحسب فضيلة ذلك والله أعلم.

2- عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد كان رسول الله يصلي الفجر فيشهد معه نساء
من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس).
المروط: أكسية معلمة تكون من خز وتكون من صوف ومتلفعات: ملتحفات والغلس:
اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل وهذا الحديث حجة لمن يرى التغليس في صلاة الفجر
وتقديمها في أول الوقت لاسيما مع ما روي من طول قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
في صلة الصبح وهذا مذهب مالك والشافعي.
وخالف أبو حنيفة ورأى أن الإسفار في بها أفضل لحديث ورد فيه: «أسفروا بالفجر فإنه
أعظم للأجر» وفيه دليل على شهود النساء الجماعة بالمسجد مع الرجال وليس في هذا
الحديث ما يدل على كونهن عجزا أو شواب وكره بعضهم الخروج للشواب.
وقولها متلفعات بالعين ويروى متلففات بالفاء والمعنى متقارب إلا أن التلفع يستعمل
مع تغطية الرأس قال ابن حبيب: لا يكون الالتفاع إلا بتغطية الرأس واستأنسوا لذلك
بقول عبيد بن الأبرص:
كيف ترجون سقوطي بعدما… لفع الرأس بياض وصلع؟
واللفاع: ما التفع به واللحاف: ما التحف به.
وقد فسر المصنف المروط بكونها أكسية من صوف وخز وزاد بعضهم في صفتها أن تكون
مربعة وقال بعضهم: إن سداها من شعر وقيل: إنه جاء مفسرا في الحديث على هذا وقالوا:
إن قول امرئ القيس:
على أثرينا ذيل مرط مرجل

قالوا: المرط هاهنا من خز.
وفسر الغلس بأنه اختلاط ضياء الصبح في ظلمة الليل والغلس والغبش متقاربان والفرق.
بينهما أن الغلس في آخر الليل وقد يكون الغبش في آخره وأوله وأما من قال الغبس بالغين
والباء والسين المهملة فغلظ عندهم.

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)

3– عن جابر بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي
الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية والمغرب إذا وجبت والعشاء أحيانا وأحيانا إذا رآهم
اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطؤوا أخر والصبح كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس.
الهاجرة: هي شدة الحر بعد الزوال.

الحديث يدل على الفضيلة في أوقات هذه الصلوات فأما الظهر: فقوله: يصلي الظهر بالهاجرة
يدل على تقديمها في أول الوقت فإنه قد قيل في الهاجرة والهجير إنهما شدة الحر وقوته
ويعارضه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «إذا اشتد الحر فأبردوا» ويمكن
الجمع بينهما بأن يكون أطلق اسم الهاجرة على الوقت الذي بعد الزوال مطلقا فإنه قد تكون
فيه الهاجرة في وقت فيطلق على الوقت مطلقا بطريق الملازمة وإن لم يكن وقت الصلاة في
حر شديد وفيه بعد وقد يقرب بما نقل عن صاحب (العين) أن الهجير والهاجرة نصف النهار فإذا
أخذ بظاهر هذا الكلام كان مطلقا على الوقت.
وفيه وجه آخر وهو أن الفقهاء اختلفوا في أن الإبراد رخصة أو سنة ولأصحاب الشافعي وجهان
في ذلك فإن قلنا إنه رخصة فيكون قوله صلى الله عليه وسلم. «أبردوا» أمر إباحة ويكون تعجيله
لها في الهاجرة أخذا بالأشق والأولى أو يقول من يرى أن الإبراد سنة: إن التهجير لبيان الجواز وفي
هذا بعد لأن قوله كان يشعر بالكثرة والملازمة عرفا.
وقوله: (و العصر والشمس نقية) يدل على تعجيلها أيضا خلافا لمن قال: إن أول وقتها ما بعد
القامتين.
وقوله: (والمغرب إذا وجبت) أي الشمس الوجوب: السقوط ويستدل به على أن سقوط قرصها
يدخل به الوقت والأماكن تختلف فما كان منها بين الرائي وبين قرص.
الشمس لم يكتف بغيبوبة القرص عن الأعين ويستدل على غروبها بطلوع الليل من المشرق قال:
صلى الله عليه وسلم: «إذا غربت الشمس من هاهنا وطلع الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم» أو
كما قال فإن لم يكن ثم حائل فقد قال بعض أصحاب مالك: إن الوقت يدخل بغيبوبة الشمس
وإشعاعها المستولي عليها وقد استمر العمل بصلاة المغرب عقيب الغروب.
وأخذ منه: أن وقتها واحد والصحيح عندي أن الوقت مستمر إلى غيبوبة الشفق.
وأما العشاء فاختلف الفقهاء فيها فقال قوم: تقديمها أفضل وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال قوم:
تأخيرها أفضل لأحاديث سترد في الكتاب وقال قوم: إن اجتمعت الجماعة فالتقديم أفضل وإن تأخرت
فالتأخير أفضل وهو قول عند المالكية ومستندهم هذا الحديث وقال قوم: إنه يختلف باختلاف الأوقات
ففي الشتاء وفي رمضان: تؤخر وفي غيرهما تقدم وإنما أخرت في الشتاء لطول الليل وكراهة
الحديث بعدها.
وهذا الحديث يتعلق بمسألة تكلفوا فيها وهو أن صلاة الجماعة أفضل من الصلاة في أول الوقت أو
بالعكس؟ حتى إنه إذا تعارض في حق شخص أمران أحدهما: أن يقدم الصلاة في أول الوقت منفردا
أو يؤخر الصلاة في الجماعة أيها أفضل؟ والأقرب عندي: أن التأخير لصلاة الجماعة أفضل وهذا الحديث
يدل عليه لقوله: (وإذا أبطؤوا أخر) فأخر لأجل الجماعة مع إمكان التقديم ولأن التشديد في ترك الجماعة
والترغيب في فعلها موجود في الأحاديث الصحيحة وفضيلة الصلاة في أول الوقت وردت على جهة
الترغيب في الفضيلة وأما جانب التشديد في التأخير عن أول الوقت فلم يرد كما في صلاة الجماعة
وهذا دليل على الرجحان لصلاة الجماعة.
نعم إذا صح لفظ يدل دلالة ظاهرة على أن الصلاة في أول وقتها أفضل الأعمال كان متمسكا لمن يرى
خلاف هذا المذهب وقد قدمنا في الحديث الماضي: أنه ليس فيه دليل على الصلاة في أول الوقت فإن
قوله: «على وقتها» لا يشعر بذلك والحديث الذي فيه «الصلاة لوقتها» ليس فيه دلالة قوية الظهور في
أول الوقت.
وقد تقدم تفسير الغلس وأن الحديث دليل على أن التغليس بالصبح أفضل والحديث المعارض له وهو
قوله: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» قيل فيه إن المراد بالإسفار: تبين طلوع الفجر ووضوحه للرائي يقينا.
وفي هذا التأويل نظر فإنه قبل التبيين والتيقن في حالة الشك: لا تجوز الصلاة فلا أجر فيها والحديث يقتضي
بلفظة أفعل فيه أن ثم أجرين أحدهما: أكمل من الآخر فإن صيغة.
(أفعل) تقتضي المشاركة في الأصل مع الرجحان لأحد الطرفين حقيقة وقد ترد من غير اشتراك في الأصل
قليلا على وجه المجاز فيمكن أن يحمل عليه ويرجح وإن كان تأويلا بالعمل من رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومن بعده من الخلفاء.

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)

4- عن أبي المنهال سيار بن سلامة قال: (دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي فقال له أبي: كيف كان النبي
صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة؟ فقال: كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس
ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية ونسيت ما قال في المغرب وكان
يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وكان ينفتل من صلاة
الغداة حين يعرف الرجل جليسه وكان يقرأ بالستين إلى المائة).
أبو برزة الأسلمي اختلف في اسمه واسم أبيه والأشهر الأصح نضلة بن عبيد أو نضلة بن عبد الله ويقال نضلة
بن عائذ بالذال المعجمة مات سنة أربع وستين وقيل مات بعد ولاية ابن زياد قبل موت معاوية سنة ستين
وكانت وفاته بالبصرة.
وقد تقدم أن لفظة كان تشعر عرفا بالدوام والتكرار كما يقال: كان فلان يكرم الضيوف وكان فلان يقاتل العدو
إذا كان ذلك دأبه وعادته.
والألف واللام في المكتوبة للاستغراق ولهذا أجاب بذكر الصلوات كلها لأنه فهم من السائل العموم.
وقوله: (كان يصلي الهجير) فيه حذف مضاف تقديره كان يصلي صلاة الهجير وقد قدمنا قبل أن الهجير والهاجرة
شدة الحر وقوته.
وإنما قيل لصلاة الظهر الأولى لأنها أول صلاة أقامها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم على ما جاء في حديث
إمامة جبريل عليه السلام.
وقوله: (حين تدحض الشمس) بفتح التاء والحاء والمراد به هاهنا زوالها واللفظة من حيث الوضع أعم من هذا
وظاهر اللفظ يقتضي وقوع صلاته صلى الله عليه وسلم الظهر عند الزوال ولابد من تأويله.
وقد اختلف أصحاب الشافعي فيما تحصل به فضيلة أول الوقت فقال بعضهم: إنما تحصل بأن يقع أول الصلاة
مع أول الوقت بحيث تكون شروط الصلاة متقدمة على دخول الوقت وتكون الصلاة واقعة في أوله وقد يتمسك
هذا القائل بظاهر هذا الحديث فإنه قال: يصلي حين تزول فظاهره وقوع أول الصلاة في أول جزء من الوقت عند
الزوال لأن قوله: يصلي يجب حمله على يبتدئ بالصلاة فإنه لا يمكن إيقاع جميع الصلاة حين تدحض الشمس
ومنهم من قال: تمتد فضيلة أول الوقت إلى نصف وقت الاختيار فإن النصف السابق من الشيء ينطلق عليه أول
الوقت بالنسبة إلى المتأخر.
ومنهم من قال وهو الأعدل إنه إذا اشتغل بأسباب الصلاة عقيب دخول أول الوقت وسعى إلى المسجد وانتظر
الجماعة وبالجملة: لم يشتغل بعد دخول الوقت إلا بما يتعلق بالصلاة فهو مدرك لفضيلة أول الوقت ويشهد لهذا
فعل السلف والخلف ولم ينقل عن أحد منهم أنه كان يشدد في هذا حتى يوقع أول تكبيرة في أول جزء من الوقت.
وقوله: والشمس حية مجاز عن بقائها بيضاء وعدم مخالطة الصفرة لها وفيه دليل على ما قدمناه من الحديث
السابق من تقديمها.
وقوله: وكان يستحب أن يؤخر من العشاء يدل على استحباب التأخير قليلا لما تدل عليه لفظة من من التبعيض
الذي حقيقته راجعة إلى الوقت أو الفعل المتعلق بالوقت.
وقوله: (التي تدعونها: العتمة) اختيار لتسميتها بالعشاء كما في لفظ الكتاب العزيز وقد ورد في تسميتها بالعتمة
ما يقتضي الكراهة وورد أيضا في الصحيح تسميتها بالعتمة ولعله لبيان الجواز أو لعل المكروه: أن يغلب عليها
اسم العتمة بحيث يكون اسم العشاء لها مهجورا أو كالمهجور.
وكراهية النوم قبلها لأنه قد يكون سببا لنسيانها أو لتأخيرها إلى خروج وقتها المختار.
وكراهة الحديث بعدها إما لأنه يؤدي إلى سهر يفضي إلى النوم عن الصبح أو إلى إيقاعها في غير وقتها المستحب
أو لأن الحديث قد يقع فيه من اللغظ ما لا ينبغي ختم اليقظة به أو لغير ذلك والله أعلم.
والحديث ههنا: قد يخص بما لا يتعلق بمصلحة الدين أو إصلاح المسلمين من الأمور.
الدنيوية قد صح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث أصحابه بعد العشاء) وترجم عليه البخاري باب السمر بالعلم
ويستثنى منه أيضا ما تدعو الحاجة إلى الحديث فيه من الأشغال التي تتعلق بها مصلحة الإنسان.
وقوله وكان ينفتل الخ دليل على التغليس بصلاة الفجر: فإن ابتداء معرفة الإنسان لجليسه يكون مع بقاء الغبش.
وقوله وكان يقرأ بالستين إلى المائة أي بالستين من الآيات إلى المائة منها وفي ذلك مبالغة في التقدم في أول
الوقت لاسيما مع ترتيل قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)

5- عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: «ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا
عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس».
وفي لفظ لمسلم: «شغلونا عن الصلاة الوسطى»- صلاة العصر- ثم صلاها بين المغرب والعشاء.

6- وله عن عبد الله بن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى احمرت
الشمس أو اصفرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شغلونا عن الصلاة الوسطى- صلاة العصر- ملأ الله
أجوافهم وقبورهم نارا أو حشا الله أجوافهم وقبورهم نارا».
فيه بحثان: أحدهما: أن العلماء اختلفوا في تعيين الصلاة الوسطى فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنها العصر ودليلهما
هذا الحديث مع غيره وهو قوي في المقصود وهذا المذهب هو الصحيح في المسألة.
وميل مالك والشافعي إلى اختيار صلاة الصبح والذين اختاروا ذلك اختلفوا في طريق الجواب عن هذا الحديث فمنهم
من سلك فيه مسلك المعارضة وعورض بالحديث الذي رواه مالك من حديث أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين أنه
قال أمرتني عائشة: أن أكتب لها مصحفا ثم قالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}.
[البقرة: 238] فلما بلغتها آذنتها فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين
ثم قالت: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى مالك أيضا عن زيد بن أسلم عن عمرو بن رافع قال كنت
أكتب مصحفا لحفصة أم المؤمنين فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}
فلما بلغتها آذنتها فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين.
ووجه الاحتجاج منه: أنه عطف صلاة العصر على ال الصلاة الوسطى والمعطوف والمعطوف عليه متغايران ويقع
الكلام في هذا من وجهين:
أحدهما: أنه يتعلق بمسألة أصولية وهو أن ماروى من القرآن بطريق الآحاد- إذا لم يثبت كونه قرآنا- فهل يتنزل منزلة
الأخبار في العمل به؟ فيه خلاف بين الأصوليين والمنقول عن أبي حنيفة: أنه يتنزل منزلة الأخبار في العمل به ولهذا
أوجب التتابع في صوم الكفارة للقراءة الشاذة فصيام ثلاثة أيام متتابعات والذي اختاره خلاف ذلك وقالوا: لا سبيل
إلى إثبات كونه قرأنا بطريق الآحاد ولا إلى اثبات كونه خبرا لأنه لم يرو على أنه خبر.
الثاني: احتمال اللفظ للتأويل وأن يكون ذلك كالعطف في قول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام ** وليث الكتيبة في المزدحم

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)

مقتطفات من كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصلاة (باب المواقيت)

فقد وجد العطف هاهنا مع اتحاد الشخص وعطف الصفات بعضها على بعض موجود في كلام العرب.
وربما سلك بعض من رجح أن الصلاة الوسطى صلاة الصبح: طريقة أخرى وهو ما يقتضيه قرينة قوله تعالى:
{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} من كونها الصبح الذي فيه القنوت وهذا ضعيف من وجهين:
أحدهما: أن القنوت لفظ مشترك يطلق على القيام وعلى السكوت وعلى الدعاء وعلى كثرة العبادة فلا يتعين
حمله القنوت الذي في صلاة الصبح.

الثاني: أنه قد يعطف حكم على حكم وإن لم يجتمعا معا في محل واحد مختصين به فالقرينة ضعيفة.
وربما سلكوا طريقا أخرى وهو إيراد الأحاديث التي تدل على تأكيد أمر صلاة الفجر كقوله صلى الله عليه وسلم:
«لو يعلمون ما العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا» ولكونهم كانوا يعلمون نفاق المنافقين بتأخرهم عن صلاة
العشاء والصبح.
وهذا معارض بالتأكيدات الواردة في صلاة العصر كقوله صلى الله عليه وسلم: «من صلى البردين دخل الجنة»
وكقوله: «فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» وقد حمل قوله عز وجل:
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [قّ: 39] على صلاة الصبح والعصر بل نزيد فنقول:
قد ثبت من التشديد في ترك صلاة العصر ما لا نعلمه ورد في صلاة العصر وهو قوله صلى الله عليه وسلم:
«من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله».

اقرأ لاحقا
اضافة للمفضلة
متابعة الحديث و علومه

إرسال تعليقك عن طريق :

    إبدأ بكتابة تعليقك الآن !

تصميم و برمجة YourColor