مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 4
النوع الثَّامِنَ عَشَرَ: الْمُعَلَّلُ مِنَ الْحَدِيثِ
وَهُوَ فَنٌّ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ حُفَّاظِهِمْ: مَعْرِفَتُنَا بِهَذَا
كِهَانَةٌ عِنْدَ الْجَاهِلِ.
وَإِنَّمَا يَهْتَدِي إِلَى تَحْقِيقِ هَذَا الْفَنِّ الْجَهَابِذَةُ النُّقَّادُ مِنْهُمْ، يُمَيِّزُونَ بَيْنَ صَحِيحِ الْحَدِيثِ وَسَقِيمِهِ،
وَمُعْوَجِّهِ وَمُسْتَقِيمِهِ، كَمَا يُمَيِّزُ الصَّيْرَفِيُّ الْبَصِيرُ بِصِنَاعَتِهِ بَيْنَ الْجِيَادِ وَالزُّيُوفِ، وَالدَّنَانِيرِ
وَالْفُلُوسِ فَكَمَا لَا يَتَمَارَى هَذَا، كَذَلِكَ يَقْطَعُ ذَاكَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ،
بِحَسَبِ مَرَاتِبِ عُلُومِهِمْ وَحِذْقَتِهِمْ وَاطِّلَاعِهِمْ عَلَى طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَذَوْقِهِمْ حَلَاوَةَ عِبَارَةِ الرَّسُولِ
صلى الله عليه وسلم الَّتِي لَا يُشْبِهُهَا غَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ النَّاسِ.
مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 4
فَمِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ مَا عَلَيْهِ أَنْوَارُ النُّبُوَّةِ، وَمِنْهَا مَا وَقَعَ فِيهِ تَغْيِيرُ لَفْظٍ أَوْ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ أَوْ
مُجَازَفَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، يُدْرِكُهَا الْبَصِيرُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ.
وَقَدْ يَكُونُ التَّعْلِيلُ مُسْتَفَادًا مِنَ الْإِسْنَادِ، وَبَسْطُ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ يَطُولُ جِدًّا، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ بِالْعَمَلِ.
وَمِنْ أَحْسَنِ كِتَابٍ وُضِعَ فِي ذَلِكَ وَأَجَلِّهِ وَأَفْحَلِهِ (كِتَابُ الْعِلَلِ) لِعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ
وَسَائِرِ الْمُحَدِّثِينَ بَعْدَهُ، فِي هَذَا الشَّأْنِ. عَلَى الْخُصُوصِ وَكَذَلِكَ (كِتَابُ الْعِلَلِ) لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أَبِي حَاتِمٍ، وَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى أَبْوَابِ الْفِقْهِ، و(كِتَابُِ الْعِلَلِ) لِلْخَلَّالِ وَيَقَعُ فِي مُسْنَدِ الْحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ
الْبَزَّارِ مِنَ التَّعَالِيلِ مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَانِيدِ.
وَقَدْ جَمَعَ أَزِمَّةَ مَا ذَكَرْنَاهُ كُلَّهُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ
كِتَابٍ، بَلْ أَجَلُّ مَا رَأَيْنَاهُ وُضِعَ فِي هَذَا الْفَنِّ، لَمْ يُسْبَقْ إِلَى مِثْلِهِ، وَقَدْ أَعْجَزَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ (بَعْدَهُ)،
فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وَلَكِنْ يَعُوزُهُ شَيْءٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَى الْأَبْوَابِ، لِيَقْرُبَ تَنَاوُلُهُ لِلطُّلَّابِ،
أَوْ أَنْ تَكُونَ أَسْمَاءُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ اشْتَمَلَ عَلَيْهِمْ مُرَتَّبِينَ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، لِيَسْهُلَ الْأَخْذُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ
مُبَدَّدٌ جِدًّا، لَا يَكَادُ يَهْتَدِي الْإِنْسَانُ إِلَى مَطْلُوبِهِ مِنْهُ بِسُهُولَةٍ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
النوع التَّاسِعَ عَشَرَ: الْمُضْطَرِبُ
وَهُوَ أَنْ يَخْتَلِفَ الرُّوَاةُ فِيهِ عَلَى شَيْخٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ مُتَعَادِلَةٍ لَا يَتَرَجَّحُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ
وَقَدْ يَكُونُ تَارَةً فِي الْإِسْنَادِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَتْنِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 4
النوع الْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُدْرَجِ
وَهُوَ أَنْ تُزَادَ لَفْظَةٌ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، فَيَحْسَبُهَا مَنْ يَسْمَعُهَا مَرْفُوعَةً فِي الْحَدِيثِ،
فَيَرْوِيهَا كَذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ وَالْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ لَا يَقَعُ الْإِدْرَاجُ
فِي الْإِسْنَادِ، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ فِي ذَلِكَ كِتَابًا حَافِلًا سَمَّاهُ (فَصْلُ الْوَصْلِ، لِمَا أُدْرِجَ فِي النَّقْلِ)
وَهُوَ مُفِيدٌ جِدًّا
وَهُوَ أَنْ تُزَادَ لَفْظَةٌ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، فَيَحْسَبُهَا مَنْ يَسْمَعُهَا مَرْفُوعَةً فِي الْحَدِيثِ،
فَيَرْوِيهَا كَذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ وَالْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ لَا يَقَعُ الْإِدْرَاجُ
فِي الْإِسْنَادِ، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ فِي ذَلِكَ كِتَابًا حَافِلًا سَمَّاهُ (فَصْلَ الْوَصْلِ، لِمَا أُدْرِجَ فِي النَّقْلِ)
وَهُوَ مُفِيدٌ جِدًّا.
النوع الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ:
مَعْرِفَةُ الْمَوْضُوعِ الْمُخْتَلَقِ الْمَصْنُوعِ
وَعَلَى ذَلِكَ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا إِقْرَارُ وَضْعِهِ عَلَى نَفْسِهِ، قَالًا أَوْ حَالًا، وَمِنْ ذَلِكَ رَكَاكَةُ أَلْفَاظِهِ، وَفَسَادُ
مَعْنَاهُ، أَوْ مُجَازَفَةٌ فَاحِشَةٌ، أَوْ مُخَالَفَةٌ لِمَا ثَبَتَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فَلَا تَجُوزُ رِوَايَتُهُ لِأَحَدٍ مِنْ
النَّاسِ، إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ، لِيَحْذَرَهُ مَنْ يَغْتَرُّ بِهِ مِنَ الْجَهَلَةِ وَالْعَوَامِّ والرِّعَاعِ.
[أقسام الواضعين]
وَالْوَاضِعُونَ أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ
مِنْهُمْ زَنَادِقَةٌ وَمِنْهُمْ مُتَعَبِّدُونَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، يَضَعُونَ أَحَادِيثَ فِيهَا تَرْغِيبٌ وَتَرْهِيبٌ،
وَفِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، لِيُعْمَلَ بِهَا. وَهَؤُلَاءِ طَائِفَةٌ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُمْ مِنْ أَشَرِّ مَنْ فَعَلَ هَذَا
لِمَا يَحْصُلُ بِضَرَرِهِمْ مِنَ الْغُرُورِ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ صَلَاحَهُمْ، فَيَظُنُّ صِدْقَهُمْ، وَهُمْ شَرٌّ مِنْ كُلِّ
كَذَّابٍ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَقَدْ انْتَقَدَ الْأَئِمَّةُ كُلَّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ مِنْ ذَلِكَ، وَسَطَرُوهُ عَلَيْهِمْ فِي زُبُرِهِمْ، عَارًا عَلَى وَاضِعِي ذَلِكَ فِي
الدُّنْيَا، وَنَارًا وَشَنَارًا فِي الْآخِرَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذِبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ عَنْهُ.
قَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةِ نَحْنُ مَا كَذَبْنَا عَلَيْهِ، إِنَّمَا كَذَبْنَا لَهُ! وَهَذَا مِنْ كَمَالِ جَهْلِهِمْ، وَقِلَّةِ عَقْلِهِمْ، وَكَثْرَةِ
فُجُورِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ، فَإِنَّهُ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لَا يَحْتَاجُ فِي كَمَالِ شَرِيعَتِهِ وَفَضْلِهَا إِلَى غَيْرِهِ.
مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 4
وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ كِتَابًا حَافِلًا فِي الْمَوْضُوعَاتِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَدْخَلَ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ،
وَخَرَجَ عَنْهُ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ ذِكْرُهُ، فَسَقَطَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهِ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ إِنْكَارُ وُقُوعِ
الْوَضْعِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا الْقَائِلُ إِمَّا أَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ أَصْلًا، أَوْ أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَنْ مُمَارَسَةِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُهُمْ الرَّدَّ عَلَيْهِ، بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «سَيُكْذَبُ عَلَيَّ» فَإِنْ كَانَ هَذَا
الْخَبَرُ صَحِيحًا، فَسَيَقَعُ الْكَذِبُ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ كَانَ كَذِبًا فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ فَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَا
يَلْزَمُ وُقُوعُهُ إِلَى الْآنَ; إِذْ بَقِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَزْمَانٌ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهَا مَا ذُكِرَ.
وَهَذَا الْقَوْلُ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهِ وَالْجَوَابَ عَنْهُ مِنْ أَضْعَفِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وحُفَّاظِهِمْ، الَّذِينَ كَانُوا
يَتَضَلَّعُونَ مِنْ حِفْظِ الصِّحَاحِ، وَيَحْفَظُونَ أَمْثَالَهَا وَأَضْعَافَهَا مِنَ الْمَكْذُوبَاتِ، خَشْيَةَ أَنْ تَرُوجَ عَلَيْهِمْ، أَوْ عَلَى
أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُمْ.
النوع الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: الْمَقْلُوبُ
وَقَدْ يَكُونُ فِي الْإِسْنَادِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ.
فَالْأَوَّلُ: كَمَا رَكَّبَ مَهَرَةُ مُحَدِّثِي بَغْدَادَ لِلْبُخَارِيِّ، حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ، إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَتْنٍ آخَرَ، وَرَكَّبُوا
مَتْنَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى إِسْنَادٍ آخَرَ، وَقَلَبُوا عَلَيْهِ مَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ عَنْ نَافِعٍ، وَمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ
عَنْ سَالِمٍ، وَهُوَ مِنَ الْقَبِيلِ الثَّانِي وَصَنَعُوا ذَلِكَ فِي نَحْوِ مِائَةِ حَدِيثٍ أَوْ أَزْيَدَ، فَلَمَّا قَرَأَهَا رَدَّ كُلَّ حَدِيثٍ إِلَى
إِسْنَادِهِ، وَكُلَّ إِسْنَادٍ إِلَى مَتْنِهِ، وَلَمْ يَرُجْ عَلَيْهِ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ مِمَّا قَلَبُوهُ وَرَكَّبُوهُ، فَعَظُمَ عِنْدَهُمْ جِدًّا، وَعَرَفُوا
مَنْزِلَتَهُ مِنْ هَذَا الشَّأْنِ- فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَأَدْخَلَهُ الْجِنَانَ.
وَقَدْ نَبَّهَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو هَهُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْحُكْمِ بِضَعْفِ سَنَدِ الْحَدِيثِ الْمُعَيَّنِ الْحُكْمُ بِضَعْفِهِ فِي
نَفْسِهِ; إِذْ قَدْ يَكُونُ لَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ، إِلَّا أَنْ يَنُصَّ إِمَامٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرْوَى إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. (قُلْتُ): يَكْفِي فِي
الْمُنَاظَرَةِ تَضْعِيفُ الطَّرِيقِ الَّتِي أَبْدَاهَا الْمُنَاظِرُ، وَيَنْقَطِعُ; إِذْ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا سِوَاهَا، حَتَّى يَثْبُتَ بِطَرِيقٍ
أُخْرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ وَيَجُوزُ رِوَايَةُ مَا عَدَا الْمَوْضُوعِ فِي بَابِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَالْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، إِلَّا فِي
صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَفِي بَابِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ.
قَالَ وَمِمَّنْ يُرَخِّصُ فِي رِوَايَةِ الضَّعِيفِ- فِيمَا ذَكَرْنَاهُ- ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
قَالَ وَإِذَا عَزَوْتَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ إِسْنَادٍ فَلَا تَقُلْ ”قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا
وَكَذَا”، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْجَازِمَةِ، بَلْ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ، وَكَذَا فِيمَا يُشَكُّ فِي صِحَّتِهِ أَيْضًا.
النوع الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ:
مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ وَبَيَانُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ
الْمَقْبُولُ: الثِّقَةُ الضَّابِطُ لِمَا يَرْوِيهِ وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ، سَالِمًا مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَخَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ،
وَأَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ مُتَيَقِّظًا غَيْرَ مُغَفَّلٍ، حَافِظًا إِنْ حَدَّثَ (مِنْ حِفْظِهِ)، فَاهِمًا إِنْ حَدَّثَ عَلَى الْمَعْنَى، فَإِنْ
اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرْنَا رُدَّتْ رِوَايَتُهُ.
وَتَثْبُتُ عَدَالَةُ الرَّاوِي بِاشْتِهَارِهِ بِالْخَيْرِ وَالثَّنَاءِ الْجَمِيلِ عَلَيْهِ، أَوْ بِتَعْدِيلِ الْأَئِمَّةِ، أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ لَهُ، أَوْ وَاحِدٍ عَلَى
الصَّحِيحِ، وَلَوْ بِرِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي قَوْلٍ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَتَوَسَّعَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فَقَالَ: كُلُّ حَامِلِ عِلْمٍ. مَعْرُوفٌ الْعِنَايَةُ بِهِ، فَهُوَ عَدْلٌ، مَحْمُولٌ أَمْرُهُ
عَلَى الْعَدَالَةِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ جُرْحُهُ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ» قَالَ:
وَفِيمَا قَالَهُ اتِّسَاعٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(قُلْتُ): لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْحَدِيثِ لَكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ قَوِيًّا، وَلَكِنْ فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ قَوِيٌّ، وَالْأَغْلَبُ عَدَمُ
صِحَّتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيُعْرَفُ ضَبْطُ الرَّاوِي بِمُوَافَقَةِ الثِّقَاتِ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، وَعَكْسُهُ عَكْسُهُ، وَالتَّعْدِيلُ مَقْبُولٌ، ذُكِرَ السَّبَبُ
(أَوْ لَمْ يُذْكَرْ); لِأَنَّ تَعْدَادَهُ يَطُولُ، فَقُبِلَ إِطْلَاقُهُ بِخِلَافِ الْجَرْحِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مُفَسَّرًا، لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي
الْأَسْبَابِ الْمُفَسِّقَةِ، فَقَدْ يَعْتَقِدُ الْجَارِحُ شَيْئًا مُفَسِّقًا، فَيُضَعِّفُهُ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ،
فَلِهَذَا اشْتُرِطَ بَيَانُ السَّبَبِ فِي الْجَرْحِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو: وَأَكْثَرُ مَا يُوجَدُ فِي كُتُبِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ”فُلَانٌ ضَعِيفٌ”، أَوْ ”مَتْرُوكٌ”، وَنَحْوُ ذَلِكَ،
فَإِنْ لَمْ نَكْتَفِ بِهِ انْسَدَّ بَابٌ كَبِيرٌ فِي ذَلِكَ.
مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 4
وَأَجَابَ بِأَنَّا إِذَا لَمْ نَكْتَفِ بِهِ تَوَقَّفْنَا فِي أَمْرِهِ، لِحُصُولِ الرِّيبَةِ عِنْدَنَا بِذَلِكَ.
(قُلْتُ): أَمَّا كَلَامُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْمُنْتَصِبِينَ لِهَذَا الشَّأْنِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ مُسَلَّمًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَسْبَابٍ، وَذَلِكَ
لِلْعِلْمِ بِمَعْرِفَتِهِمْ، وَاطِّلَاعِهِمْ وَاضْطِلَاعِهِمْ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَاتِّصَافِهِمْ بِالْإِنْصَافِ وَالدِّيَانَةِ وَالْخِبْرَةِ وَالنُّصْحِ،
لَا سِيَّمَا إِذَا أَطْبَقُوا عَلَى تَضْعِيفِ الرَّجُلِ، أَوْ كَوْنِهِ مَتْرُوكًا، أَوْ كَذَّابًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
فَالْمُحَدِّثُ الْمَاهِرُ لَا يَتَخَالَجُهُ فِي مِثْلِ هَذَا وَقْفَةٌ فِي مُوَافَقَتِهِمْ، لِصِدْقِهِمْ وَأَمَانَتِهِمْ وَنُصْحِهِمْ، وَلِهَذَا يَقُولُ
الشَّافِعِيُّ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى الْأَحَادِيثِ ”لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ”، وَيَرُدُّهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، بِمُجَرَّدِ
ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا إِذَا تَعَارَضَ جَرْحٌ وَتَعْدِيلٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَرْحُ حِينَئِذٍ مُفَسَّرًا وَهَلْ هُوَ الْمُقَدَّمُ؟ أَوْ التَّرْجِيحُ بِالْكَثْرَةِ
أَوْ الْأَحْفَظِ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ وَعِلْمِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَكْفِي قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي
التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ عَلَى الصَّحِيحِ وَأَمَّا رِوَايَةُ الثِّقَةِ عَنْ شَيْخٍ فَهَلْ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلُهُ ذَلِكَ الشَّيْخَ أَمْ لَا؟ فِيهِ
ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.. (ثَالِثُهَا): إِنْ كَانَ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ فَتَوْثِيقٌ، وَإِلَّا فَلَا وَالصَّحِيحُ (أَنَّهُ) لَا يَكُونُ تَوْثِيقًا لَهُ، حَتَّى
وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَنُصُّ عَلَى عَدَالَةِ شُيُوخِهِ وَلَوْ قَالَ ”حَدَّثَنِي الثِّقَةُ”، لَا يَكُونُ ذَلِكَ تَوْثِيقًا لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ;
لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ثِقَةً عِنْدَهُ، لَا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَهَذَا وَاضِحٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
قَالَ وَكَذَلِكَ فُتْيَا الْعَالِمِ أَوْ عَمَلُهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثٍ، لَا يَسْتَلْزِمُ تَصْحِيحَهُ لَهُ.
(قُلْتُ): وَفِي هَذَا نَظَرٌ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ غَيْرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، أَوْ تَعَرَّضَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي فُتْيَاهُ أَوْ
حُكْمِهِ، أَوْ اسْتَشْهَدَ بِهِ عِنْدَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبَ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ الْمُشْتَرِطِ الْعَدَالَةَ تَعْدِيلٌِ بِاتِّفَاقٍ.
وَأَمَّا إِعْرَاضُ الْعَالِمِ عَنِ الْحَدِيثِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ، فَلَيْسَ قَادِحًا فِي الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقٍ; لِأَنَّهُ قَدْ يَعْدِلُ
عَنْهُ لِمُعَارِضٍ أَرْجَحَ عِنْدَهُ، مَعَ اعْتِقَادِ صِحَّتِهِ.
”مَسْأَلَةٌ” مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ وَمَنْ جُهِلَتْ عَدَالَتُهُ بَاطِنًا، وَلَكِنَّهُ
عُدِّلَ فِي الظَّاهِرِ، وَهُوَ الْمَسْتُورُ فَقَدْ قَالَ بِقَبُولِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيِّينَ، وَرَجَّحَ ذَلِكَ سَلِيمُ بْنُ أَيُّوبَ الْفَقِيهُ،
وَوَافَقَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَدْ حَرَّرْتُ الْبَحْثَ فِي ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَأَمَّا الْمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ أَوْ مَنْ سُمِّيَ وَلَا تُعْرَفُ عَيْنُهُ، فَهَذَا مِمَّنْ لَا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ وَلَكِنَّهُ إِذَا
كَانَ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ وَالْقُرُونِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْخَيْرِ، فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَسُ بِرِوَايَتِهِ، وَيُسْتَضَاءُ بِهَا فِي مَوَاطِنَ
وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كَثِيرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ عَنِ الرَّاوِي بِمَعْرِفَةِ الْعُلَمَاءِ لَهُ، أَوْ بِرِوَايَةِ عَدْلَيْنِ عَنْهُ.
قَالَ الْخَطِيبُ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْعَدَالَةِ بِرِوَايَتِهِمَا عَنْهُ وَعَلَى هَذَا النَّمَطِ مَشَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، بِأَنْ حَكَمَ
لَهُ بِالْعَدَالَةِ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 4
قَالُوا: فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى وَاحِدٍ، مِثْلُ عَمْرٍو ذِي مُرٍّ، وَجَبَّارٍ الطَّائِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ ذِي حُدَّانَ، تَفَرَّدَ
بِالرِّوَايَةِ عَنْهُمْ إِسْحَاقُ السَّبِيعيُّ، وجُرَيُّ بْنُ كُلَيْبٍ، تَفَرَّدَ عَنْهُ قَتَادَةُ، قَالَ الْخَطِيبُ وَالْهَزْهَازُ بْنُ مَيْزَنَ،
تَفَرَّدَ عَنْهُ الشَّعْبِيُّ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَرَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ لِمِرْدَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ،
وَمُسْلِمٌ لِرَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ وَذَلِكَ مَصِيرٌ مِنْهُمَا
إِلَى ارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ بِرِوَايَةِ وَاحِدٍ وَذَلِكَ مُتَّجَهٌ، كَالْخِلَافِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ فِي التَّعْدِيلِ.
(قُلْتُ): تَوْجِيهٌ جَيِّدٌ لَكِنْ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ إِنَّمَا اكْتَفَيَا فِي ذَلِكَ بِرِوَايَةِ الْوَاحِدِ فَقَطْ; لِأَنَّ هَذَيْنِ
صَحَابِيَّانِ، وَجَهَالَةُ الصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
”مَسْأَلَةٌ” الْمُبْتَدِعُ إِنْ كَفَرَ بِبِدْعَتِهِ، فَلَا إِشْكَالَ فِي رَدِّ رِوَايَتِهِ وَإِذَا لَمْ يَكْفُرْ، فَإِنْ اسْتَحَلَّ الْكَذِبَ رُدَّتْ
أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلَّ الْكَذِبَ، فَهَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا؟ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ دَاعِيَةً أَوْ غَيْرَ دَاعِيَةٍ؟ فِي ذَلِكَ
نِزَاعٌ قَدِيمٌ وَحَدِيثٌ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الدَّاعِيَةِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ،
وَقَدْ حَكَى ابْنُ حِبَّانَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ، فَقَالَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا قَاطِبَةً، لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ خِلَافًا.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ، مُبَاعِدٌ لِلشَّائِعِ عَنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ،
فَإِنَّ كُتُبَهُمْ طَافِحَةٌ (بِالرِّوَايَةِ) عَنِ الْمُبْتَدَعَةِ غَيْرِ الدُّعَاةِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِهِمْ فِي الشَّوَاهِدِ وَالْأُصُولِ
كَثِيرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(قُلْتُ): وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِلَّا الْخَطَّابِيَّةَ مِنَ الرَّافِضَةِ; لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ
لِمُوَافِقِيهِمْ فَلَمْ يُفَرِّقْ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا النَّصِّ بَيْنَ الدَّاعِيَةِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ مَا الْفَرْقُ فِي الْمَعْنَى بَيْنَهُمَا؟ وَهَذَا
الْبُخَارِيُّ قَدْ خَرَّجَ لِعِمْرَانَ بْنِ حَطَّانَ الْخَارِجِيِّ مَادِحِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجِمٍ قَاتِلِ عَلِيٍّ، وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الدُّعَاةِ
إِلَى الْبِدْعَةِ! وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
إرسال تعليقك عن طريق :