خلق الكون في ستة أيام… بين الحقيقة القرآنية وفهم الزمن الإلهي
مقدمة
من أعظم أبواب التفكر في القرآن الكريم التأمل في خلق الله للسماوات والأرض، وكيف قدّر سبحانه هذا الكون البديع بحكمة وإتقان.
وقد تكرر في كتابه العزيز ذكر أن خلق السماوات والأرض كان في ستة أيام.
وهنا يبرز سؤال: ما طبيعة هذه الأيام؟ وهل هي مثل أيامنا التي نقيسها بتعاقب الليل والنهار؟ أم أنها أيام إلهية لا تُقاس بموازين البشر؟
خلق الكون في ستة أيام… بين الحقيقة القرآنية وفهم الزمن الإلهي
هذا المقال يُجيب بوضوح، مستندًا إلى القرآن الكريم وأقوال العلماء ومبادئ التفكير الصحيح.
📌 أولًا: حقيقة قرآنية ثابتة
قال تعالى:
﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾
الأعراف: 54
إذن، الخلق تم في ستة أيام… لكن ما هو تعريف اليوم في تلك المرحلة من الوجود؟
⏱️ لماذا لا يمكن حساب أيام الخلق بأيامنا الحالية؟
اليوم عند الإنسان نعرفه من خلال علاقة الأرض بالشمس:
- الأرض تدور حول نفسها → فينتج اليوم
- القمر يدور حول الأرض → فينتج الشهر
- الأرض تدور حول الشمس → فيتحدد السنة
لكن القرآن يخبرنا أن مراحل الخلق تمت قبل وجود الشمس والقمر بصورتهما الحالية:
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾
البقرة: 29
﴿وَجَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾
يونس: 5
وبذلك نصل إلى حقيقتين:
1️⃣ لم يكن هناك شمس ولا تقويم بشري حتى نقيس أيام الخلق بأيامنا
2️⃣ الله هو خالق الزمن فلا يُقاس زمنه بمقاييس مخلوقاته
لذا قول بعض الناس: “إذا اليوم عند ربنا = 1000 سنة، فالخلق 6000 سنة”
هو استنتاج غير صحيح وغير مطابق للآيات.
خلق الكون في ستة أيام… بين الحقيقة القرآنية وفهم الزمن الإلهي
🕊️ اليوم عند الله… اختلاف مطلق
قال تعالى:
﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾
الحج: 47
وقال أيضًا:
﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾
المعارج: 4
لو كان اليوم عند الله ثابتًا = 1000 سنة
فكيف يكون 50,000 سنة أيضًا؟
🔹 الجواب: الزمن عند الله لا يقاس بثابت واحد
إنه جزء من الغيب الذي لا ندركه.
ولهذا قال العلماء:
الأيام الستة حقيقة ثابتة
ومقدارها غاية غيبية لا نعلمها
🧠 الحكمة من ذكر الأيام الستة
قدرة الله قادرة على خلق الكون في لحظة
فهو القائل: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾
فلماذا كان الخلق على مراحل؟
✨ لتعليم البشر سنة التدرج
✨ لتبيين دقة النظام الإلهي
✨ لإظهار أن كل خلق بقدر لا عبث فيه
قال تعالى:
﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾
🔭 العلم الحديث… لا يناقض القرآن
علماء الفيزياء الكونية يقولون اليوم:
- الزمن نفسه مخلوق
- بدايات الكون كانت مختلفة في طبيعة الوقت
- الزمن يتمدّد ويتغيّر حسب قوانين الكون
وهذا ينسجم مع القرآن الذي يقرر النسبية الزمنية بوضوح الآيات.
فالقرآن كتاب هداية، وليس كتاب جداول زمنية كونية.
خلق الكون في ستة أيام… بين الحقيقة القرآنية وفهم الزمن الإلهي
🕋 ثم استوى على العرش
الله تعالى يخبر بعد الحديث عن الخلق:
﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾
الاستواء:
- صفة إلهية ثابتة
- لا تشبه استواء المخلوقين
- وكيفيته غير مدركة للعقول
قال الإمام مالك:
“الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة”
فنحن نؤمن بما جاء به القرآن كما هو دون تحريف.
🌟 ماذا نتعلم من هذه الحقيقة؟
- الإيمان بالغيب عبادة عظيمة
- قدرة الله أعظم من إدراكنا
- العلم مهما تقدّم يبقى قاصرًا أمام سر الخلق
- الكون يسير بنظام دقيق يدل على الخالق الحكيم
قال تعالى:
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾
خلق الكون في ستة أيام… بين الحقيقة القرآنية وفهم الزمن الإلهي
✍️ الخلاصة
| حقيقة قرآنية |
فهم صحيح |
| خلق الكون في 6 أيام |
أيام إلهية لا تشبه أيام البشر |
| الزمن عند الله |
نسبي وغَيبي لا يخضع لنا |
| الاستواء على العرش |
إيمان دون تشبيه أو تأويل |
| القرآن والعلم |
تكامل لا تناقض |
الإيمان بخلق الله للكون بهذه الصورة يعيد الإنسان إلى موقعه الصحيح:
مخلوق محدود أمام خالق عظيم لا يحده زمان ولا مكان .
إرسال تعليقك عن طريق :