تسجيل الدخول

استمتع بمزايا موقعنا

تسجيل الدخول
اخبار عاجلة

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 6

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 6
اقرأ لاحقا
اضافة للمفضلة
متابعة الحديث و علومه
اضغط لتقييم الموضوع
[Total: 4 Average: 4]

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 6

الْقِسْمُ الثَّالِثُ‏:‏ الْإِجَازَةُ

وَالرِّوَايَةُ بِهَا جَائِزَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَادَّعَى الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ البَاجِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَنَقَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ
بِمَا رَوَاهُ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مَنَعَ مِنَ الرِّوَايَةِ بِهَا وَبِذَلِكَ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَعَزَاهُ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ،
وَكَذَلِكَ قَطَعَ بِالْمَنْعِ الْقَاضِي حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَرُّوذِيُّ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ، وَقَالَا جَمِيعًا لَوْ جَازَتْ الرِّوَايَةُ
بِالْإِجَازَةِ لَبَطَلَتْ الرِّحْلَةُ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظِهِ، وَمِمَّنْ أَبْطَلَهَا
إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الوَائلِيُّ السِّجْزِيُّ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ
جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَقِيَهُمْ، ثُمَّ هِيَ أَقْسَامٌ‏:‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 6

1- إِجَازَةٌ مِنْ مُعَيَّنٍ لِمُعَيَّنٍ فِي مُعَيَّنٍ، بِأَنْ يَقُولَ‏:‏ ‏”‏أَجَزْتُكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي هَذَا الْكِتَابَ‏”‏، أَوْ ‏”‏هَذِهِ الْكُتُبَ‏”‏،
وَهِيَ الْمُنَاوَلَةُ، فَهَذِهِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ، حَتَّى الظَّاهِرِيَّةِ، لَكِنْ خَالَفُوا فِي الْعَمَلِ بِهَا‏;‏ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى
الْمُرْسَلِ عِنْدَهُمْ، إِذَا لَمْ يَتَّصِلِ السَّمَاعُ‏.‏

2- إِجَازَةٌ لِمُعَيَّنٍ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ‏:‏ ‏”‏ أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا أَرْوِيهِ‏”‏، أَوْ ‏”‏مَا صَحَّ عِنْدَكَ،
مِنْ مَسْمُوعَاتِي وَمُصَنَّفَاتِي‏”‏ وَهَذَا مِمَّا يُجَوِّزُهُ الْجُمْهُورُ أَيْضًا، رِوَايَةً وَعَمَلًا‏.‏

3- الْإِجَازَةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ‏:‏ ‏”‏جَزْتُ لِلْمُسْلِمِينَ‏”‏، أَوْ ‏”‏لِلْمَوْجُودِينَ‏”‏، أَوْ ‏”‏لِمَنْ قَالَ‏:‏ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ‏”‏،
وَتُسَمَّى ‏”‏الْإِجَازَةَ الْعَامَّةَ‏”‏ وَقَدْ اعْتَبَرَهَا طَائِفَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ وَالْعُلَمَاءِ، فَمَنْ جَوَّزَهَا الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ،
وَنَقَلَهَا عَنْ شَيْخِهِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، وَنَقَلَهَا أَبُو بَكْرٍ الْحَازِمِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيِّ
الْحَافِظِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ مُحَدِّثِي الْمَغَارِبَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ‏.‏

4- الْإِجَازَةُ لِلْمَجْهُولِ بِالْمَجْهُولَ، فَفَاسِدَةٌ، وَلَيْسَ مِنْهَا مَا يَقَعُ مِنَ الِاسْتِدْعَاءِ لِجَمَاعَةٍ مُسَمَّيْنَ لَا يَعْرِفُهُمْ
الْمُجِيزُ أَوْ لَا يَتَصَفَّحُ أَنْسَابَهُمْ وَلَا عِدَّتَهُمْ، فَإِنَّ هَذَا سَائِغٌ شَائِعٌ، كَمَا لَا يَسْتَحْضِرُ الْمُسْمَعُ أَنْسَابَ مَنْ
يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ وَلَا عِدَّتَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَلَوْ قَالَ‏:‏ أ‏”‏َجَزْتُ رِوَايَةَ هَذَا الْكِتَابِ لِمَنْ أُحِبُّ رِوَايَتَهُ عَنِّي‏”‏، فَقَدْ كَتَبَهُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ،
وَسَوَّغَهُ غَيْرُهُ، وَقَوَّاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ‏:‏‏”‏ أَجَزْتُكَ وَلِوَلَدِكَ وَنَسْلِكَ وَعَقِبِكَ رِوَايَةَ هَذَا الْكِتَابِ‏”‏ أَوْ ‏
“‏مَا يَجُوزُ لِي رِوَايَتُهُ‏”‏ فَقَدْ جَوَّزَهَا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ لِرَجُلٍ ‏”‏أَجَزْتُ لَكَ وَلِأَوْلَادِكَ وَلِحَبَلِ
الْحَبَلَةِ‏”‏ وَأَمَّا لَوْ قَالَ ‏”‏أَجَزْتُ لِمَنْ يُوجَدُ مِنْ بَنِي فُلَانٍ‏”‏، فَقَدْ حَكَى الْخَطِيبُ

جَوَازَهَا عَنِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى بْنِ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيِّ، وَأَبِي الْفَضْلِ

بْنِ عَمْرُوسٍ الْمَالِكِيِّ، وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ طَائِفَةٍ، ثُمَّ ضَعَّفَ ذَلِكَ، وَقَالَ هَذَا يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ إِذْنٌ
أَوْ مُحَادَثَةٌ، وَكَذَلِكَ

ضَعَّفَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ، وَأَوْرَدَ الْإِجَازَةَ لِلطِّفْلِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُخَاطَبُ مِثْلُهُ، وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ قَالَ لِلْقَاضِي
أَبِي الطَّيِّبِ‏:‏ إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ‏:‏ لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ إِلَّا لِمَنْ يَصِحُّ سَمَاعُهُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏

قَدْ يُجِيزُ الْغَائِبَ عَنْهُ، وَلَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْهُ ثُمَّ رَجَّحَ الْخَطِيبُ صِحَّةَ الْإِجَازَةِ لِلصَّغِيرِ، قَالَ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْنَا
كَافَّةَ شُيُوخِنَا يَفْعَلُونَهُ، يُجِيزُونَ لِلْأَطْفَالِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ أَعْمَارِهِمْ، وَلَمْ نَرَهُمْ أَجَازُوا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ
مَوْجُودًا فِي الْحَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَلَوْ قَالَ‏:‏ ‏”‏أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا صَحَّ عِنْدَكَ مِمَّا سَمِعْتَهُ وَمَا سَأَسْمَعُهُ‏”‏، فَالْأَوَّلُ جَيِّدٌ، وَالثَّانِي فَاسِدٌ
وَقَدْ حَاوَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَخْرِيجَهُ عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ إِذْنٌ كَالْوِكَالَةِ وَفِيمَا لَوْ قَالَ‏:‏ ‏”‏وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ مَا سَأَمْلِكُهُ‏”‏
خِلَافٌ

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 6

وَأَمَّا الْإِجَازَةُ بِمَا يَرْوِيهِ إِجَازَةً، فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الرِّوَايَةُ بِالْإِجَازَةِ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَمِمَّنْ نَصَّ
عَلَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَشَيْخُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عُقْدَةَ، وَالْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَالْخَطِيبُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ
مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ
الْعَمَلُ جَوَازُهُ، وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ‏.‏

الْقِسْمُ الرَّابِعُ‏:‏ الْمُنَاوَلَةُ

فَإِنْ كَانَ مَعَهَا إِجَازَةٌ، مِثْلَ أَنْ يُنَاوِلَ الشَّيْخُ الطَّالِبَ كِتَابًا مِنْ سَمَاعِهِ، وَيَقُولَ لَهُ ‏”‏ارْوِ هَذَا عَنِّي، أَوْ يُمَلِّكُهُ
إِيَّاهُ، أَوْ يُعِيرُهُ لِيَنْسَخَهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِلَيْهِ، أَوْ يَأْتِيهِ الطَّالِبُ بِكِتَابٍ مِنْ سَمَاعِهِ فَيَتَأَمَّلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ ‏”‏ارْوِ عَنِّي
هَذَا‏”‏، وَيُسَمَّى هَذَا ‏”‏عَرْضَ الْمُنَاوِلِ‏”‏

وَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ‏:‏ إِنَّ هَذَا إِسْمَاعٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَحَكَوْهُ عَنْ مَالِكٍ نَفْسِهِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ،
وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، مِنَ الْمَكِّيِّينَ،
وَعَلْقَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، مِنَ
الْبَصْرَةِ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبَ، مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَنَقَلَهُ
عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَقَدْ خَلَطَ فِي كَلَامِهِ عَرْضَ الْمُنَاوَلَةِ بِعَرْضِ الْقِرَاءَةِ‏.‏

ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ‏:‏ وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْإِسْلَامِ، الَّذِينَ أَفَتَوْا فِي الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ سَمَاعًا،
وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى
والبُوَيْطِيُّ والمُزَنِيُّ، وَعَلَيْهِ عَهِدْنَا أَئِمَّتَنَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبُوا، وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا إِذَا لَمْ يُمَلِّكْهُ الشَّيْخُ الْكِتَابَ، وَلَمْ يُعِرْهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّهُ مُنْحَطٌّ عَمَّا قَبْلَهُ، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هَذَا مِمَّا
لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَيَبْقَى مُجَرَّدَ إِجَازَةٍ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ أَمَّا إِذَا كَانَ الْكِتَابُ مَشْهُورًا، كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، أَوْ شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ مَلَّكَهُ
أَوْ أَعَارَهُ إِيَّاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَلَوْ تَجَرَّدَتْ الْمُنَاوَلَةُ عَنِ الْإِذْنِ فِي الرِّوَايَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا، وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ
بَعْضِهِمْ جَوَازَهَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَوَّزَ الرِّوَايَةَ بِمُجَرَّدِ إِعْلَامِ الشَّيْخِ لِلطَّالِبِ أَنَّ هَذَا
سَمَاعُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَيَقُولُ الرَّاوِي بِالْإِجَازَةِ ‏”‏أَنْبَأَنَا‏”‏ فَإِنْ قَالَ ‏”‏إِجَازَةً‏”‏ فَهُوَ أَحْسَنُ، وَيَجُوزُ ‏”‏أَنْبَأَنَا‏”‏ وَ‏”‏حَدَّثَنَا‏”‏ عِنْدَ جَمَاعَةٍ
مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ‏.‏

وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ جَعَلُوا عَرْضَ الْمُنَاوَلَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالْإِجَازَةِ بِمَنْزِلَةِ السَّمَاعِ، فَهَؤُلَاءِ
يَقُولُونَ ‏”‏حَدَّثَنَا‏”‏ وَ‏”‏أَخْبَرَنَا‏”‏، بِلَا إِشْكَالٍ‏.‏

وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ ‏”‏حَدَّثَنَا‏”‏ وَلَا ‏”‏أَخْبَرَنَا‏”‏ بَلْ مُقَيَّدًا وَكَانَ
الْأَوْزَاعِيُّ يُخَصِّصُ الْإِجَازَةَ بِقَوْلِهِ ‏”‏خَبَّرْنَا‏”‏ بِالتَّشْدِيدِ‏.‏

الْقِسْمُ الْخَامِسُ‏:‏ الْمُكَاتَبَةُ

بِأَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ‏.‏

فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ، فَهُوَ كَالْمُنَاوَلَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالْإِجَازَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهَا إِجَازَةٌ، فَقَدْ جَوَّزَ الرِّوَايَةَ
بِهَا أَيُّوبُ، وَمَنْصُورٌ، وَاللَّيْثُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأُصُولِيِّينَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ
أَقْوَى مِنَ الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَقَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَجَوَّزَ اللَّيْثُ وَمَنْصُورٌ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَنْ يَقُولَ ‏”‏أَخْبَرَنَا‏”‏ وَ‏”‏حَدَّثَنَا‏”‏ مُطْلَقًا، وَالْأَحْسَنُ وَالْأَلْيَقُ تَقْيِيدُهُ بِالْمُكَاتَبَةِ‏.‏

الْقِسْمُ السَّادِسُ‏:‏ إِعْلَامُ الشَّيْخِ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ سَمَاعُهُ مِنْ فُلَانٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ

فَقَدْ سَوَّغَ الرِّوَايَةَ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ، مِنْهُمْ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ،
وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ‏:‏ لَوْ أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَنَهَاهُ عَنْ رِوَايَتِهِ عَنْهُ فَلَهُ
رِوَايَتُهُ، كَمَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ رِوَايَتِهِ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ‏.‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 6

الْقِسْمُ السَّابِعُ‏:‏ الْوَصِيَّةُ

بِأَنْ يُوصِيَ بِكِتَابٍ لَهُ كَانَ يَرْوِيهِ لِشَخْصٍ فَقَدْ تَرَخَّصَ بَعْضُ السَّلَفِ ‏(‏فِي رِوَايَةِ الْمُوصَى‏)‏ لَهُ بِذَلِكَ
الْكِتَابِ عَنْ الْمُوصِي، وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِالْمُنَاوَلَةِ وَبِالْإِعْلَامِ بِالرِّوَايَةِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَهَذَا بَعِيدٌ، وَهُوَ إِمَّا
زَلَّةُ عَالِمٍ أَوْ مُتَأَوِّلٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ رِوَايَتَهُ بِالْوِجَادَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

الْقِسْمُ الثَّامِنُ‏:‏ الْوِجَادَةُ

وَصُورَتُهَا أَنْ يَجِدَ حَدِيثًا أَوْ كِتَابًا بِخَطِّ شَخْصٍ بِإِسْنَادِهِ، فَلَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ، فَيَقُولُ
‏”‏وَجَدْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ حَدَّثَنَا فُلَانٌ‏”‏ وَيُسْنِدُهُ وَيَقَعُ هَذَا أَكْثَرَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، يَقُولُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ
‏”‏وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي حَدَّثَنَا فُلَانٌ‏”‏ وَيَسُوقُ الْحَدِيثَ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ‏:‏ ‏”‏قَالَ فُلَانٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَدْلِيسٌ
يُوهِمُ اللُّقِيَّ‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَجَازَفَ بَعْضُهُمْ فَأَطْلَقَ فِيهِ ‏”‏حَدَّثَنَا‏”‏ أَوْ ‏”‏أَخْبَرَنَا‏”‏ وَانْتُقِدَ ذَلِكَ عَلَى فَاعِلِهِ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ
فِيمَا وَجَدَ مِنْ تَصْنِيفِهِ بِغَيْرِ خَطِّهِ ‏”‏ذَكَرَ فُلَانٌ‏”‏، وَ‏”‏قَالَ فُلَانٌ أَيْضًا، وَيَقُولُ ‏”‏بَلَغَنِي عَنْ فُلَانٍ‏”‏، فِيمَا لَمْ
يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْ تَصْنِيفِهِ أَوْ مُقَابَلَةِ كِتَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَالْوِجَادَةُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ عَمَّا وَجَدَهُ فِي الْكِتَابِ وَأَمَّا الْعَمَلُ بِهَا فَمَنَعَ
مِنْهُ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ، أَوْ أَكْثَرُهُمْ، فِيمَا حَكَاهُ بَعْضُهُمْ وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ
مِنْ أَصْحَابِهِ جَوَازُ الْعَمَلِ بِهَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَقَطَعَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي الْأُصُولِ بِوُجُوبِ
الْعَمَلِ بِهَا عِنْدَ حُصُولِ الثِّقَةِ بِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ لِتَعَذُّرِ
شُرُوطِ الرِّوَايَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، يَعْنِي فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مُجَرَّدُ وِجَادَاتٍ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ «أَيُّ الْخَلْقِ أَعْجَبُ إِلَيْكُمْ إِيمَانًا‏؟‏
قَالُوا‏:‏ الْمَلَائِكَةُ، قَالَ‏:‏ وَكَيْفَ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏؟‏ وَذَكَرُوا الْأَنْبِيَاءَ، فَقَالَ‏:‏ وَكَيْفَ لَا يُؤْمِنُونَ وَالْوَحْيُ
يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ‏؟‏ قَالُوا‏:‏ فَنَحْنُ، قَالَ‏:‏ وَكَيْفَ لَا تُؤْمِنُونَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ‏؟‏ قَالُوا‏:‏ فَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ قَوْمٌ
يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ، يَجِدُونَ صُحُفًا يُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهَا»‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَدْحُ مَنْ عَمِلَ بِالْكُتُبِ
الْمُتَقَدِّمَةِ بِمُجَرَّدِ الْوِجَادَةِ لَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

النوع الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ‏:‏ كِتَابَةُ الْحَدِيثِ وَضَبْطُهُ وَتَقْيِيدُهُ

قَدْ وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا‏:‏ «مَنْ كَتَبَ عَنِّي شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ»‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ عُمَرُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو مُوسَى، وَأَبُو سَعِيدٍ،
فِي جَمَاعَةٍ آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ إِبَاحَةُ ذَلِكَ أَوْ فِعْلُهُ عَلِيٌّ، وَابْنُهُ الْحَسَنُ، وَأَنَسٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فِي
جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ ‏”‏اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ‏”‏، وَقَدْ تَحَرَّرَ هَذَا
الْفَصْلُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِنَا الْمُقَدِّمَاتِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ‏.‏

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ‏:‏ لَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ حِينَ يُخَافُ الْتِبَاسُهُ بِالْقُرْآنِ، وَالْإِذْنُ فِيهِ
حِينَ أُمِنَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَدْ حُكِيَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَلَى تَسْوِيغِ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُسْتَفِيضٌ، شَائِعٌ
ذَائِعٌ، مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ‏.‏

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَيَنْبَغِي لِكَاتِبِ الْحَدِيثِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ أَنْ يَضْبِطَ مَا يُشْكِلُ مِنْهُ، أَوْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى
بَعْضِ الطَّلَبَةِ، فِي أَصْلِ الْكِتَابِ نَقْطًا وَشَكْلًا وَإِعْرَابًا، عَلَى مَا هُوَ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَوْ قَيَّدَ
فِي الْحَاشِيَةِ لَكَانَ حَسَنًا‏.‏

وَيَنْبَغِي تَوْضِيحُهُ، وَيُكْرَهُ التَّدْقِيقُ وَالتَّعْلِيلُ فِي الْكِتَابِ لِغَيْرِ عُذْرٍ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِابْنِ عَمِّهِ حَنْبَلٌ-
وَقَدْ رَآهُ يَكْتُبُ دَقِيقًا-‏:‏ لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّهُ يَخُونُكَ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ حَدِيثَيْنِ دَائِرَةٌ وَمِمَّنْ بَلَغَنَا عَنْهُ ذَلِكَ أَبُو الزِّنَادِ، وَأَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي خَطِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ الدَّائِرَةَ غَفَلًا، فَإِذَا قَابَلَهَا نَقَطَ فِيهَا النُّقْطَةَ‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ ‏”‏عَبْدُ اللَّهِ فُلَانٌ، فَيَجْعَلُ ‏”‏عَبْدُ‏”‏ آخِرَ سَطْرٍ وَالْجَلَالَةَ فِي أَوَّلِ سَطْرٍ،
بَلْ يَكْتُبُهُ فِي سَطْرٍ وَاحِدٍ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَلْيُحَافِظْ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِهِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ فَلَا يَسْأَمُ، فَإِنَّ فِيهِ
خَيْرًا كَثِيرًا‏.‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 6

قَالَ‏:‏ وَمَا وُجِدَ مِنْ خَطِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الرِّوَايَةَ قَالَ الْخَطِيبُ‏:‏
وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نُطْقًا لَا خَطًّا‏.‏

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ وَلْيَكْتُبْ الصَّلَاةَ وَالتَّسْلِيمَ مُجَلَّسَةً لَا رَمْزًا قَالَ‏:‏ وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى قَوْلِهِ ‏”‏عَلَيْهِ
السَّلَامُ‏”‏، يَعْنِي وَلْيَكْتُبْ صلى الله عليه وسلم وَاضِحَةً كَامِلَةً‏.‏

قَالَ‏:‏ وَلْيُقَابِلْ أَصْلَهُ بِأَصْلٍ مُعْتَمَدٍ، وَمَعَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَوْثُوقٍ بِهِ ضَابِطٍ قَالَ‏:‏ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ
شَدَّدَ وَقَالَ‏:‏ لَا يُقَابِلُ إِلَّا مَعَ نَفْسِهِ قَالَ‏:‏ وَهَذَا مَرْفُوضٌ مَرْدُودٌ‏.‏

وَقَدْ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّخْرِيجِ وَالتَّضْبِيبِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الِاصْطِلَاحَاتِ
الْمُطَّرِدَةِ وَالْخَاصَّةِ مَا أَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ جِدًّا‏.‏

وَتَكَلَّمَ عَلَى كِتَابَةِ ‏”‏ح‏”‏ بَيْنَ الْإِسْنَادَيْنِ، وَأَنَّهَا ‏”‏ح‏”‏ مُهْمَلَةٌ، مِنْ التَّحْوِيلِ أَوْ الْحَائِلُ بَيْنَ الْإِسْنَادَيْنِ، أَوْ
عِبَارَةً عَنْ قَوْلِهِ ‏”‏الْحَدِيثَ‏”‏‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا ‏”‏خَاءٌ‏”‏ مُعْجَمَةٌ، أَيْ إِسْنَادٌ آخَرُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ
الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ‏.‏

النوع السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ‏:‏ صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ‏:‏ شَدَّدَ قَوْمٌ فِي الرِّوَايَةِ، فَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ مِنْ حِفْظِ الرَّاوِي أَوْ تَذَكُّرِهِ،
وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ الصَّيْدَلَانِيِّ المَرْوَزِيِّ ‏(‏الشَّافِعِيِّ‏)‏‏.‏

وَاكْتَفَى آخَرُونَ، وَهُمْ الْجُمْهُورُ، بِثُبُوتِ سَمَاعِ الرَّاوِي لِذَلِكَ الَّذِي يَسْمَعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِخَطِّ غَيْرِهِ، وَإِنْ
غَابَتْ عَنْهُ النُّسْخَةُ، إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتَهَا مِنْ التَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ‏.‏

وَتَسَاهَلَ آخَرُونَ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ نُسَخٍ لَمْ تُقَابَلْ، بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الطَّالِبِ ‏”‏هَذَا مِنْ رِوَايَتِكَ‏”‏ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ،
وَلَا نَظَرٍ فِي النُّسْخَةِ، وَلَا تَفَقُّدِ طَبَقَةِ سَمَاعِهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَقَدْ عَدَّهُمْ الْحَاكِمُ فِي طَبَقَاتِ الْمَجْرُوحِينَ‏.‏

فَرْعٌ

قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ‏:‏ وَالسَّمَاعُ عَلَى الضَّرِيرِ أَوْ الْبَصِيرِ الْأُمِّيِّ، إِذَا كَانَ مُثْبَتًا بِخَطِّ غَيْرِهِ أَوْ قَوْلِهِ فِيهِ
خِلَافٌ بَيْنَ النَّاسِ فمن الْعُلَمَاءِ مَنْ مَنَعَ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهَا‏.‏

مقتطفات كتاب اختصار علوم الحديث 3

فَرْعٌ آخَرُ

إِذَا رَوَى كِتَابًا، كَالْبُخَارِيِّ مَثَلًا، عَنْ شَيْخٍ، ثُمَّ وَجَدَ نُسْخَةً بِهِ لَيْسَتْ مُقَابَلَةً عَلَى أَصْلِ شَيْخِهِ، أَوْ لَمْ يَجِدْ
أَصْلَ سَمَاعِهِ فِيهَا عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ تَسْكُنُ نَفْسُهُ إِلَى صِحَّتِهَا، فَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ عَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ
مَنَعُوا مِنَ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ، وَمِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ بْنُ الصَّبَّاغِ الْفَقِيهُ، وَحُكِيَ عَنْ أَيُّوبَ وَمُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ
البُرْسَانِيِّ أَنَّهُمَا رَخَّصَا فِي ذَلِكَ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وَإِلَى هَذَا أَجْنَحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَدْ تَوَسَّطَ الشَّيْخُ تَقِيٌّ الدِّينِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ‏:‏ إِنْ كَانَتْ لَهُ مِنْ شَيْخِهِ إِجَازَةً جَازَتْ رِوَايَتُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ‏.‏

فَرْعٌ آخَرُ

إِذَا اخْتَلَفَ الْحَافِظُ وَكِتَابُهُ فَإِنْ كَانَ اعْتِمَادُهُ فِي حِفْظِهِ عَلَى كِتَابِهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَلْيَرْجِعْ
إِلَى حِفْظِهِ، وَحَسُنَ أَنْ يُنَبِّهُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ مَعَ ذَلِكَ، كَمَا رُوِيَ عَنْ شُعْبَةَ، وَكَذَلِكَ إِذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنَ
الْحُفَّاظِ، فَلْيُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ رِوَايَتِهِ كَمَا فَعَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

اقرأ لاحقا
اضافة للمفضلة
متابعة الحديث و علومه

إرسال تعليقك عن طريق :

    إبدأ بكتابة تعليقك الآن !

تصميم و برمجة YourColor